في المنفعة العامة كمعيار للقانون الإداري

We are Concerned with any Types of Laws (Personal Injury Law,Admiralty Law,Aviation Law,Bankruptcy Law,Civil Rights Law,Consumer Rights Law,Corporate Law,Criminal Law,Education Law,Elder Law,Employment Law,Entertainment Law,Family Law,Immigration Law,Intellectual Property Law,Labor Law,Military Law,Product Liability Law,Real Estate Law,Taxation Law, Procedures Law)

قال بهذا المعيار الأستاذ فالين نتيجة لما شاب معياري المرفق العام والسلطة العامة من نقائص.

فبالنسبة لمعيار المرفق العام، لاحظ فالين أنه يكون في بعض الأحيان أوسع مما يجب، وذلك في الحالات التي تلجأ فيها السلطات الإدارية إلى أساليب القانون الخاص في إدارتها للمرافق العامة، وكذلك بالنسبة للمرافق العامة الصناعية والتجارية، وفي أحيان أخرى أضيق أو تكون أضيق مما يجب، ويتحقق ذلك الضيق في الحالات التي يمتد فيها نطاق اختصاص القضاء الإداري خارج دائرة المرفق العام.

بالنسبة لمعيار السلطة العامة، فقد أستبعده فالين حيث أن استعمال وسائل وامتيازات السلطة العامة – وإن كان يؤدي دائماً إلى تطبيق القانون الإداري، وانعقاد الاختصاص للقاضي الإداري- إلا أنه لا يصلح معياراً، حيث لا يفسر تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري في حالات أخرى لا تمارس فيها الإدارة مظاهر السلطة العامة، بل نتيجة للقيود التي تثقل كاهلها وتكون، بناء عليها في مركز " أقل " من مركز الأفراد الذين تتعامل معهم السلطة العامة.

ولذلك انتهى فالين إلى القول بأن هناك فكرة جامعة تفسر تطبيق القانون الإداري في جميع الحالات التي يطبق فيها، وهي فكرة " المنفعة العامة ".

(1) إن الباحثين في فقه القانون العام لم يتلقوا معيار المنفعة العامة بقبول حسن، لأنه لا يصلح مطلقاً، كمعيار يرتبط تطبيق القانون الإداري به وجوداً وعدماً، ذلك أن هذا المعيار أي معيار المنفعة العامة من الأتساع والغموض بحيث يصلح أن يكون أساساً للقانون كله-العام منه والخاص بصفة عامة.

ففكرة المنفعة العامة فكرة مرنة ومطاطة، تختلف من عصر إلى عصر، ومن نظام سياسي إلى نظام سياسي أخر، ويتغير مدلولها بتغير الأنظمة والأفكار، ولذلك ليس لها مدلول ثابت محدد، ومن ثم فهي لا تصلح لأن تكون معياراً لتحديد مجالات القانون الإداري.

فالمصلحة العامة في نظام الرأسمالي الحر لها معنى شديد الضيق، حيث يقصد بها إشباع حاجات جماعية يعجز الأفراد عن إشباعها أو لا يرغبون في ذلك في حين أنها في نظام يأخذ بتدخل الإدارة في المجال الاقتصادي يتسع مدلولها ليشمل إشباع جميع الأنشطة التي ترى السلطة العامة أن إشباعها يحقق مصلحة عامة.

ولا شك أن المنفعة العامة في دولة ديمقراطية تختلف عن فكرة المنفعة العامة في دولة لا يتسم نظامها بطابع ديمقراطي ، حيث تعني في الحالة الأولى تحقيق رغبات الشعب، في حين أن معناها في الحالة الثانية تحقيق رغبات الحكام.

(2) إن نشاط السلطة العامة في مجمله يحقق منفعة عامة أياً كانت الوسائل التي تستخدمها الإدارة في ممارستها لهذا الشرط، وبصرف النظر عن طبيعة القواعد القانونية التي تحكمه.

وبعبارة أخرى، أن نشاط الإدارة الخاضع للقانون الخاص يهدف إلى تحقيق منفعة عامة مثله في ذلك تماماً مثل نشاطها الخاضع للقانون الإداري، والمنفعة العامة هي التي حتمت إخضاع النشاط في الحالة الأولى لقواعد القانون الخاص، وإخضاعه في الحالة الثانية لقواعد القانون الإداري.

فالإدارة في تسييرها للمرافق العامة الاقتصادية تستخدم، في أحيان كثيرة، أساليب القانون الخاص، وما كان ذلك إلا لأن استعمال الإدارة لنفس الوسائل التي يستعملها الأفراد – في ممارستهم لنشاطهم التجاري والصناعي – يكون أكثر تحقيقاً للمنفعة العامة من حيث أنها تجعل هذه المرافق أغزر إنتاجاً، وأكثر تحققاً للغرض من إدارتها مما لو استخدم في تسيرها أساليب السلطة العامة.

والإدارة حينما تلجأ لأسلوب العقد المدني بدلاً من أسلوب نزع الملكية أو الاستيلاء للحصول على ما تحتاجه من أموال مملوكة للأفراد، فإنها تفعل ذلك بدافع المصلحة العامة، حيث أنها قدرت أن أسلوب التعاقد مع الأفراد – بالإيجار أو الشراء – يكون أكثر تحقيقاً للمصلحة العامة من أسلوب السلطة.

ذلك أن العقود التي تبرمها الإدارة، يستوي في ذلك العقود الإدارية والعقود المدنية، لها هدف واحد وهو تحقيق المصلحة العامة.

وإدارة الدولة لأملاكها الخاصة، التي تخضع بصفة أساسية لأحكام القانون الخاص، تحقق أيضاً منفعة عامة بحيث يوضع الناتج من استغلال هذه الأموال في ميزانية الدولة لإشباع حاجات عامة.

(3) أخيراً، أن ممارسة النشاط ذي النفع العام ليس حكراً على الإدارة، فالأفراد، أيضاً، يساهمون في تحقيق المنفعة العامة حتى في أدق تصرفاتهم الشخصية، فالزواج مثلاً ، الذي يسهم في استمرار الحياة القومية في البلاد، يسهم في تحقيق منفعة عامة ومع ذلك فهو لا يخضع لأحكام القانون الإداري.

والمشروعات الخاصة ذات النفع العام تخضع، بصفة أساسية، لأحكام القانون الخاص بالرغم من هدف النفع العام الذي تحققه، والصانع في مصنعه يحقق بلا شك منفعة عامة، ذلك أنه كلما زاد إنتاجه وتحسن تحققت المصلحة العامة بصورة أوفى. فلماذا لا تخضع للقانون الإداري؟

كل هذه الأسئلة – التي يمكن إثارتها في مجالات عديدة أخرى تدل بصفة قاطعة، على عدم صلاحية معيار المنفعة العامة كأساس لتطبيق القانون الإداري ولاختصاص القضاء الإداري، فالمنفعة العامة من تلك الاصطلاحات الفضفاضة التي تختلف الآراء وتتعدد الاتجاهات في تحديد مدلولها، بحيث يستطيع من يشاء أن يصنع فيها ما يريد. وفكرة لها هذا الطابع الشخصي في حدوده القصوى لا تصلح، بداهة، أن تكون ضابطاً لقانون كالقانون الإداري يتعلق بعلاقة الإدارة بالأفراد.