يتطلب القانون لقيام الجريمة توافر أركان معينة ، وهي على نوعين :
1 ـ الأركان العامة للجريمة التي تسري على كافة الجرائم بوجه عام ، أيّا كان نوعها أو طبيعتها ، بحيث إذا اكتملت هذه الأركان قامت الجريمة تامة أو مشروع فيها تستوجب توقيع العقاب الذي حدده النّص الجنائي على الجاني . أمّا إذا انتهى أحد هذه الأركان فلا تقوم الجريمة من الناحية القانونية .
2 ـ الأركان الخاصة للجريمة التي ينّص القانون عليها بالنسبة لكل جريمة على حده ، و هي أركان تختلف من جريمة إلى أخرى بحسب نوعها و طبيعتها . و الغرض من هذه الأركان أن تضاف إلى الأركان العامة لتحدد نوعها و طبيعتها . و الغرض من هذه الأركان الخاصة للجريمة : أن يكون المجني عليه حيا في جريمة القتل ، و أن يكون المرتشي موظفا عاما في جريمة الرشوة ، و أن يكون الشيء المختلس مالا منقولا مملوكا للغير في جريمة السرقة .
وقد اختلف الفقه بشأن تقسيم الأركان العامة للجريمة ـ موضوع دراستنا ـ فمن الفقه من يرى أنّ للجريمة ركنان : ركن مادي و ركن معنوي، ومن الفقه من يرى أنّ للجريمة أركان ثلاثة : فيضيف إلى الركنين المادي و المعنوي الركن الشرعي .
و قد يكون مفيدا أن نفرض فيما يلي هذه الأركان الثلاثة ببعض من التفصيل ، على أن تخصص لكل ركن مطلبا مستقلا.
المطلب الأول : الركن المادي للجريمة .
يتمثل الركن المادي للجريمة في المظهر الخارجي لنشاط الجاني الذي هو عبارة عن السلوك الإجرامي الذي يكون منظا للتجريم و محلا للعقاب . ذلك أن قانون العقوبات لا يعاقب على النوايا الباطنية و الأفكار ، فلا يعاقب قانون العقوبات مثلا على مجرد التفكير في ارتكاب جريمة ما . بل لابد أن يقترن هذا التفكير بنشاط مادي معين الذي يختلف من جريمة إلى أخرى حسب طبيعتها و نوعها و ظروفها .