عناصر اللامركزية الإدارية

We are Concerned with any Types of Laws (Personal Injury Law,Admiralty Law,Aviation Law,Bankruptcy Law,Civil Rights Law,Consumer Rights Law,Corporate Law,Criminal Law,Education Law,Elder Law,Employment Law,Entertainment Law,Family Law,Immigration Law,Intellectual Property Law,Labor Law,Military Law,Product Liability Law,Real Estate Law,Taxation Law, Procedures Law)

إن اللامركزية الإدارية، خصوصاً في المجال المحلي، تستند إلى عناصر ثلاثة هي : الاعتراف للوحدة المحلية بالشخصية القانونية ، وإدارتها لشئونها الذاتية، وخضوعها لرقابة السلطة المركزية.

أولاً: الشخصية القانونية للوحدة المحلية:

يأتي الاعتراف للوحدة المحلية بالشخصية القانونية – المستقلة عن شخصية الدولة – باعتبارها مظهراً لوجود شئون خاصة لهذه الوحدة تميزها عن الشئون القومية العامة التي تشترك فيها مع سائر الوحدات المحلية الأخرى.

ويلاحظ أن القانون هو الذي يحدد هذه الشئون الخاصة، أو بعبارة أخرى، القانون هو الذي يحدد الحاجات العامة ذات الطابع الإقليمي التي يمكن أن تقوم عليها المرافق العامة المحلية، والحاجات ذات الطابع القومي التي تهم الشعب في مجموعه.

وعلى ذلك، أن تحديد هذه المصالح المحلية لا يترك إلا للوحدات المحلية ذاتها، ولا للإدارة المركزية، لذلك ، ليس للإدارة المركزية أن تعدل اختصاصات الوحدات المحلية بقرار منها، وليس للوحدات المحلية أن تتجاوز دائرة الاختصاص التي حددها لها المشرع.

إن المشرع المصري لم يحدد اختصاص الهيئات المحلية على سبيل الحصر، بل جاء تحديده لذلك في صورة قاعدة عامة " تتولى وحدات الإدارة المحلية – في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة – إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات – كل ما في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها، وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية.. وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها، والمرافق التي تتولى إنشائها الوحدات الأخرى للإدارة المحلية. كما تبين اللائحة ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من الاختصاصات المنصوص عليها.

ومعنى ذلك، أن إنشاء وإدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي هو الاختصاص الحصري للوحدات المحلية.. أما المرافق القومية التي يرجع أمر تحديدها إلى رئيس الجمهورية، فإنها تخرج عن اختصاص الوحدات المحلية، مع ملاحظة أن كل مرفق لم يوصّف بقرار من رئيس الجمهورية بأنه مرفق قومي يصبح بالضرورة محلياً.

ثانياً: الإدارة في الشؤون المحلية

قيام الوحدات المحلية بإدارة شؤونها الخاصة بهيئاتها الخاصة، كركن للإدارة المحلية، ينبثق في الواقع من العنصر السابق، حيث أن منح الشخصية المعنوية يفترض الاستقلال الإداري، ويعني أن يكون للشخص المعنوي جهازاً إدارياً خاص به يدير شئونه الخاصة ويتحدث باسمه، ويمثله أمام الغير بما في ذلك الدولة.

إن اللامركزية بمعناها الكامل تتحقق حينما يكون تشكيل مجالس الهيئات المحلية من أعضاء يختارون جميعاً بالانتخاب، مما يستبعد أية مشاركة للسلطة المركزية في تشكيل مجالس الوحدات المحلية.

وتكون اللامركزية ناقصة إذا كان تشكيل مجلس الوحدة المحلية مختلطاً، أي مكوناً من أعضاء منتخبين من سكان الإقليم ومن أعضاء معينين من قبل الإدارة المركزية.

إلا أن هناك رأي أخر في الفقه يؤكد على انعدام الصلة بين أسلوب الانتخاب واللامركزية الإدارية، حيث أن هذا الأسلوب يمكن الأخذ به في تكوين السلطات الإدارية جميعاً، المركزية منها وغير المركزية.

إضافة إلى ذلك، إن أسلوب التعيين لا يتنافى، بالضرورة مع اللامركزية، ذلك أن العنصر الأساسي في اللامركزية هو فكرة الإدارة الذاتية، أي وجود أجهزة إدارية مختلفة داخل الدولة الواحدة، يتمتع كل منها بقدر من الاستقلال والتسيير الذاتي في إدارة شئونها الخاصة، ويمكن أن يتحقق هذا الاستقلال حتى مع الأخذ بأسلوب التعيين، حيث تقوم الإدارة المركزية بتعيين جميع أعضاء مجالس الهيئات اللامركزية، شريطة توافر ضمانات معينة أهمها عدم القابلية للعزل من قبل الإدارة المركزية، والدليل على ذلك أن تشكيل الهيئات القضائية يتم، في العديد من الدولة، بأسلوب التعيين من قبل السلطة المركزية، ومع ذلك تحقق لهم الاستقلال تجاه السلطة المركزية بتوفير ضمانات معينة لهم، وبالذات عدم قابلية رجال القضاء للعزل.

على كل حال، لقد أنحاز المشرع الدستوري المصري للرأي القائل بضرورة الانتخاب كأسلوب لتشكيل هيئات الوحدات المحلية.

ثالثاً: خضوع الوحدة المحلية لرقابة السلطة المركزية

خضوع الوحدة المحلية لرقابة السلطة المركزية هو العنصر الثالث من عناصر الإدارة المحلية، ويطلق على رقابة السلطة المركزية اصطلاح تقليدي هو " الوصاية الإدارية " وهو في الواقع اصطلاح منتقد، لأنه قد يثير لبساً وخلطاً مع الوصاية المعروفة في القانون الخاص، بالرغم مما بين الوصفين من اختلافات جوهرية:

- فالوصاية في القانون الخاص تقوم على ناقص الأهلية من الأفراد، في حين أن الوحدات المحلية ليست كذلك.

- والوصاية في القانون الخاص أساسها فكرة الإنابة، بمعنى أن الوصي يبرم التصرف لصالح أو لحساب ناقص الأهلية، في حين أنه في القانون الإداري،تقوم الوحدة المحلية بالتصرف وإصدار قرارها، ثم تقوم سلطة الوصاية بمباشرة اختصاصها بعد ذلك، أي أن المبادرة في القانون الخاص عائدة إلى الوصي، بينما هي في الحالة الثانية تعود إلى الهيئة المحلية ذاتها.

وللوصاية الإدارية خصائص معينة يمكن إجمالها في الأتي

(1) لا وصاية إلا بنص صريح وفي حدود هذا النص فقط، حيث أن الأصل هو استقلال الوحدة المحلية، فإذا فات على المشرع أن يزود سلطة الوصاية الإدارية باختصاصات معينة إزاء بعض قرارات الوحدة المحلية، فإنها لا تستطيع أن تعالج الأمر بقرار منها، وعليها حينئذٍ أن تلجأ إلى القضاء الإداري طالبة إلغاء القرار الصادر عن الوحدة المحلية بالمخالفة لأحكام القانون.

وفي هذا الصدد تختلف الوصاية الإدارية عن السلطة الرئاسية، حيث أن السلطة الرئاسية مفترضة، إذ أن للرئيس أن يزاولها في مواجهة مرءوسه دون حاجة إلى نص خاص يأذن له بذلك.

(2) والوصاية الإدارية ليست شاملة بمعنى أن على المشرع أن يحدد على سبيل الحصر القرارات التي يخضعها لرقابة الإدارة المركزية، بحيث يترك للإدارة المحلية سلطة البت والتقرير النهائي في بعض الشئون دون معقب من الإدارة المركزية، والقول بغير ذلك يعدم استقلال الوحدة المحلية، ويجعلنا أمام مركزية مقنعة تلبس ثوب لامركزية وهمية.

(3) والوصاية الإدارية ليست مطلقة، بمعنى أن الإدارة المركزية لا تستطيع أن تفعل ما يحلو لها في مواجهة قرارات الوحدة المحلية.

فالأشخاص المحلية لها حق المبادرة، ولا توجد رقابة سابقة في صورة الإذن أو التصريح إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة، وما تملكه السلطة المركزية هو التصديق أو عدم التصديق على القرار برمته، فليس لها أن تعدل فيه، وليس لها أن تُحِلَّ قرارها الخاص بها محل قرار الوحدة المحلية.

ويلاحظ أن أثر التصديق ينحصر في قابلية القرار للتنفيذ، ولكن يظل هذا القرار منسوباً، بعد التصديق عليه، إلى الوحدة المحلية التي أصدرته، وعلى ذلك يجوز لها، أي للوحدة المحلية، العدول عن هذا القرار رغم التصديق عليه، كما أن قرار الوحدة المحلية ينفذ من تاريخ صدوره عنها، وليس من تاريخ التصديق عليه.

إضافة إلى كل ذلك، يمتنع على ممثلي السلطة المركزية إصدار تعليمات وأوامر إلى ممثلي الوحدة المحلية، ذلك أن هذا الاختصاص من مميزات السلطة الرئاسية التي لها طابع الإطلاق في مواجهة قرارات المرءوس، حيث أن الرئيس له، كما سبق القول، أن يلغي قرارات هذا المرءوس، أو يعدلها، أو يحل قراراته هو محلها.

(4) وأخيراً، إن للوحدة المحلية أن تلجأ للقضاء طالبةً إلغاء قرارات الإدارة المركزية التي تعدت بها على اختصاصاتها، أو التي جاءت مخالفة للقانون لسبب أو لآخر، في حين أنه في ظل المركزية الإدارية، لا يملك المرءوس مثل هذا الحق في مواجهة رئيسه الذي له أن يعدل في قرار هذا المرءوس، أو يلغيه، دون أن يكون لهذا المرءوس الحق في الطعن في قرار الرئيس أمام القضاء.